نزهة بين ألغام تويتر

حين كُلّفت بمهمة الكتابة في تويتر ثمانية، تردّدت كثيرًا؛ فتويتر ليس المكان الأنسب للبدء في مشوار الكتابة مع جهةٍ ما.

تخيَّل نفسك تسير في حقل ألغامٍ مكشوفة يمكنك التنبّؤ بأشكالها دون الجزم بكونها ألغامًا. فبعضها قد يكون صندوق الكنز الذي جئت تبحث عنه!

أقصد بالحقل مساحة الكتابة، والكنز التفاعل الإيجابي، واللغم صخب الشارع، وأعني بالشارع تويتر. حين كُلّفت بمهمة الكتابة في تويتر ثمانية، تردّدت كثيرًا؛ فتويتر ليس المكان الأنسب للبدء في مشوار الكتابة مع جهةٍ ما. 

هممتُ بالاعتذار بحُجة الكمّ لا الكيف، لكن في الوقت نفسه لم أرغب في تفويت الفرصة. فأنا الذي أتابع إنتاجات ثمانية وأعدّ نفسي من جمهورها منذ أعوام، أتيحت لي فرصة التحدُّث رسميًّا باسمها. لكن أين؟ في أكثر بيئةٍ «ملغّمة» في عالم الإنترنت باتفاق أهله.

كغيري من كتّاب المحتوى، كتبتُ في السنوات الماضية آلاف التغريدات. في بعضها كنتُ أنا فقط، وفي بعضها كنتُ الشق الحكيم منّي، وفي بعضها كنتُ أحمقًا. وكل هذا مرَّ بسلام، دون أن تمرّ حروفي بفلاتر التدقيق الذاتي ومجهر مدير النشر، ودون أن أصاب بـ«تعليق» يغيّر طريقة تفكيري!

كذلك كتبتُ ما نُشر على حسابات متنوعة، ولم يصل الأمر إلى الكتابة اليومية بمعدّل ستّ تغريدات وسلسلة «ثريد» منذ اليوم الأول. هذه التجربة كنت أتحاشاها باستمرار خوفًا من الخطأ الذي لا تتفهمه عقلية الـ«ولا غلطة» التي تسيطر علينا أحيانًا.

قرار خوض التجربة كان صائبًا بقدر صعوبته، والمهمات كانت ولا تزال ممتعة بقدر خطورتها. فالفكرة تضيء في عقل أحد المنتجين، ويتبعها كثير من ساعات البحث والإعداد، ثم تسجيل الحلقة بكل ما تحتويه من قصص وحوارات، ثم تحريرها وتقسيمها إلى تشويقات صالحة للاستهلاك «التويتري». 

هذه العملية المنظمة تحمّلني عبء عدم تخييب ظن فريق العمل والجمهور معًا، وتمنحني أيضًا مساحة آمنة للخطأ. فلن يختفي الخطأ بمجرد خوفي منه، بل بتصالحي مع حتميّته، والاستعداد للتراجع عنه أكثر من تبريره، وتوقُّع حدوثه مع الرغبة الحثيثة في تقليصه. ويتحقق هذا مع اعتياد المحاولة وإتْباع التجربة بالرصد. 

أمضيت شهرًا في ثمانية. وفي كل صباح تستيقظ معي أسئلة دائمة: ماذا لدينا اليوم لنقرأه، ونسمعه، ثم نكتب عنه؟ هل سنغرّد ونحلّق فنبلغ الآفاق، أو سنضيع في زحام «التايم لاين»، أو -عياذًا بالله- سنُصلَب في «هاشتاگ».

النشرة السرّية
النشرة السرّية
أسبوعيّة، الأحد منثمانيةثمانية

ابق قريبًا من فريق ثمانية، آخر أخبارنا وكواليسنا وتدويناتنا في رسالة خاصة وسرّية جدًا، تصلك في كل أسبوع.