جوهر البودكاست هو النص

جوهر البودكاست القصصي هو النصّ البديع، تخيّلوه مثل سيناريو لفلم ناجح: خطُّ سردٍ متسّق، نعرفُ شخصياته ونتعلّق بها.

بما أنكم مشتركون في هذه النشرة، أرجّح أنّكم مهتمون بالبودكاست وصناعته، ولا أجازف إنْ قلت إنّ بعضكم توّاق لصنع حلقاتٍ بنفسه، أو تلاحقه فكرة واحدة يحلم بأن ينتجها.

وأنا أيضًا، لم أرغب بشيء في حياتي أكثر من صنع تحفة صوتيَّة، تغمرُ أسماعَ الآلاف وقلوبهم بالدهشة. تتقّد هذه الرغبة كلما استمعتُ لحلقةٍ ممتازة، أو شاهدتُ وثائقيًا مذهلًا. أستلقي على سريري تلك الليلة، وأتخيل تُحفتي، وربما التصفيق الحار حين أفوز بجائزة ما؟ أعرف ما سأرتديه يومها. الأمر محرج، أعلم. يطلع الصباح وأتذكر أنّ ذلك النجاح يتطلب ساعاتٍ وساعاتٍ من التدريب والتفكير والبحث والعمل الجاد.

تعلمتُ خلال السنوات الماضية على الأقل أين أبدأ. تعلمتُ أنّ جوهر البودكاست القصصي هو النصّ البديع، تخيّلوه مثل سيناريو لفلم ناجح: خطُّ سردٍ متسّق، نعرفُ شخصياته ونتعلّق بها، ونتابعها وهي تخوض أحداثًا مركزية وترسم حبكة مُحكَمة. كلّ ذلك ونحن نفكّر بتجربة سمعيةٍ حسيّة ثرية، ينغمسُ المستمع فيها ويذوب كحبة شوكولاتة.

لكن كيف نجدُ قصَّةً رهيبة؟

قد يحدث أن تجدنا هي، مثل هذه الحلقة البديعة من بودكاست «هيفي ويت»، حين قُدّمت قصة خارقة للمنتج على طبقٍ من النحاس بالصدفة، صيَّره ذهبًا حين لاحق القصة وشخصياتها إلى النهاية، وسخّر كل المصادر المتاحة لاستكشافها، ثم عمل جاهدًا على بنائها، حتى لم ينتبه أنّه لم يغادر مكتبه منذ أيام. فمن السهل أن تذهب أفكارٌ خارقة سدى، لكنّ الكنز الحقيقي هو العمل الجاد وبناء الثقة مع أصحاب القصة.

لم يعد البودكاست صناعة جديدة وحقلًا خامًا، فنجد اليوم نماذج ملهمة من كلّ أنواع البودكاست التي قد تحلم بها: حوارية، وثائقية، تحقيقات، كوميديا، صحافة تفسيرية. ما أحاول العمل عليه لأصل إلى تحفتي هو أن أستمع بنهمٍ لكلّ تحفِ الآخرين.

الأمرُ صعب، لكنّه يصبح أسهل مع التجربة والتطوير، بوجود فريقٍ مبدع مبتكر، يدفعنا دومًا إلى الأمام.

النشرة السرّية
النشرة السرّية
أسبوعيّة، الأحد منثمانيةثمانية

ابق قريبًا من فريق ثمانية، آخر أخبارنا وكواليسنا وتدويناتنا في رسالة خاصة وسرّية جدًا، تصلك في كل أسبوع.