الصوت في مواجهة الصورة
اكتشفت أن كتابة النصوص للبرامج المرئية تختلف عن الصوتية بعد أن شاهدت تحرير جميل لحلقتي الأولى التي كتبتها.
حين أبدأ كتابة نص لحلقة «أشياء غيرتنا»، فأول ما أبدأ به هو تسجيل مازن ومنصور، حيث أستمع له أكثر من مرة وأقتطع الأجزاء التي أراها تناسب هيكل الحلقة، ثم أبدأ في نسج النص الذي يربط هذه الجزئيات، لتكون حلقة جديدة.
في البرامج الصوتية، لا يرغب الناس في الاستماع إلى مونولوگ طويل وسرد للحقائق والتواريخ، فالمستمع يفقد اهتمامه حين يطول حديث المقدم. ولذا فإن الكتابة ليست ربطًا بين الجزئيات فقط، بل هي أقرب للرسم، وعليك أن تستخدم مخيلتك السمعية أثناء كتابة نصك وأن تضع نفسك مكان المستمع.
يجب أن تقرأ الفقرات لتسمع وقعها على الأذن. وإن بدا لك أن الفقرة طويلة، فيمكنك إعادة كتابتها، وتخيل التأثيرات والمقاطع التي ستضيفها تحتها لتساعد على إيصال الفكرة ورفع تركيز المستمع وإبقائه مستمتعًا بالحلقة. ولا يضرك لو أتقنتَ تحرير الصوت قليلًا ليساعدك على وضع تصور أفضل قبل تسليمها للمحرر الفعلي.
في الأشهر الماضية، أتيحت لي فرصة كتابة النصوص في برنامج «فيوتشرتك.» ولمّا كان البرنامج مرئيًا بالدرجة الأولى، اكتشفت معه أن كتابة النصوص للبرامج المرئية تختلف عن الصوتية.
جاءني الانكشاف بعد أن شاهدت تحرير جميل لحلقتي الأولى التي كتبتها. ففي حين اقتصرت بعض تعليماتي على إضافة مشهد من فلم هنا وهناك، استخدم جميل العديد من المقاطع وأضاف وقفات وموسيقا جعلت من وقع الحلقة أقوى بكثير مما صنعت! فصار لابد لي أن أشغّل جزءًا جديدًا في مخي.
يصعب عليك أن تضيف تأثيرًا صوتيًا لكل جملة تقال في البودكاست الصوتي (لأن البرنامج سيتحول حينئذ إلى سَلَطة صوتية). أما في البرنامج المرئي فتستطيع إضافة صورة لكل جملة دون تشتيت المشاهد، لأن العين تختلف عن الأذن. فيمكنك إطالة الفقرات وأن تقترح على المحرر لقطات تخدم المعنى أو تزيد من قوته وتضيف إليها موسيقا تصويرية تحرك المشاعر والعقول قليلًا.
مع الاستمرار في العمل على «فيوتشرتك» تكيَّف مخي مع الأسلوب الجديد. أصبحتُ أفكر في المشاهد التي أريد لها الظهور ضمن الحلقة، وكنت أقترح طريقة قراءة النص لمقدم البرنامج والإحساس الذي أريده أن ينقله للمشاهد. الصورة كانت بعدًا جديدًا. وهو بعدٌ أتوق للعودة إليه مرة أخرى.
ابق قريبًا من فريق ثمانية، آخر أخبارنا وكواليسنا وتدويناتنا في رسالة خاصة وسرّية جدًا، تصلك في كل أسبوع.