ما لم أعرفه عن العاملات المنزليات
تجبرنا بعض اللحظات على التواضع، والتنحّي جانبًا لنصمت ونستمع ونتعلّم. هذه اللحظات تُشعرني بالامتنان لمهنة الصحافة.


رغم كلّ البحث الذي نجريه قبل الخوض في إنتاج قصة جديدة، وكلّ أفكارنا المسبقة التي نتشبث بها، تجبرنا بعض اللحظات على التواضع، والتنحّي جانبًا لنصمت ونستمع ونتعلّم. هذه اللحظات تُشعرني بالامتنان لمهنة الصحافة.
عِشنا أنا وزميلتي سمر الكثير منها أثناء إعداد السلسلة الخاصة من بودكاست أصوات «للتنازل». قابلنا عاملاتٍ منزليات في الأردن والسعودية، بتخوفٍ من أن نكرّر قصص الرعب التي نعرفها عن انتهاك حقوقهن. كانت في مخيلتي امرأةٌ واحدة بلا ملامح محددة تمثّلهن جميعًا، مسكينة متعَبة تستحق التعاطف والرحمة، لكن لا صوتَ لها ولا كلمات تخصّها.
لم أعرف أنني سأجلسُ ساعاتٍ مع «هانا» لتحكي لي رحلتها بين زوجٍ مُسيء، ومشغّلين أسوأ، وعن نجاتها من ذلك كله. أستمع إليها بذهول، وأطالع الصور على جدران منزلها في عمّان، حيث تعيش مستقلة دون كفيل.
تخيلتُ أن أفضلَ احتمالٍ قد تحظى فيه عاملة منزلية في عالمنا أن يكون كفيلها «رحيم وكويّس»، أو ألّا تضطر لمغادرة موطنها أصلًا. لكن علّمتني «سينايدا» أن قصص العاملات قد تحمل نهاياتٍ سعيدة، وحبًّا وأمومة وصداقات، علينا فقط أن نتذكر أنّ نهاياتٍ كهذه ممكنة.
ورغم كل القلق الذي تعيش فيه مايا وجنى وخديجة، فإنهنّ يقاتلن يوميًّا لتجاوزه بصبرٍ كبير. يقاتلن لتوفير حياةٍ أفضل لأسرهنّ وأطفالهن، فأرى فيهنّ كل الأمهات المقاتلات اللواتي أعرفهنّ.
ممتنّة للصحافة التي تفتح أعيننا وقلوبنا على العالم.


ابق قريبًا من فريق ثمانية، آخر أخبارنا وكواليسنا وتدويناتنا في رسالة خاصة وسرّية جدًا، تصلك في كل أسبوع.