نادي الخامسة صباحًا
يتصادم تسارع إيقاع المدينة مع الخيال والفساحة اللذين تتمتع بهما قريتي وطقوس الصباح التي كان لها الدور الأكبر في إيجاد المساحة للإبداع.


الساعة 9:30، المكتب يعمه السكون مع موسيقا أسيل وقهوة كمال وصحبة سليمان. أحب أن أبدأ هذه الصباحات بقراءة النشرات وبعدها أنطلق في عالم المهام والأفلام.
كعادة الصيف في المدينة، يكون الجو حارًا حتى في الصباح. لذا فإن أول ما يشغلني عندما أفتح عيني هو الوصول للمكتب دون أن أتعرّق. ولكني مع هذه السرعة أفقد سكون الصباح وتأمل المكان الذي اعتدته في قريتي في عُمان.
قبل سنتين، عاهدت نفسي على أن أصحو الساعة الخامسة صباحًا كل يوم، أصلي الفجر، وأخرج إلى ساحة البيت لأتأمل وبعدها أقرأ وأرجع لمكتبي، لأبدأ العمل الساعة السابعة طوال أيام الأسبوع، حتى وإن لم يكن عندي مهمة محددة، كنت مصرًا على أن أجلس إلى مكتبي أبحث وأستغل ساعات الصباح، وواظبت على هذا الروتين مدة سنة تقريبًا.
مع نهاية العام، سافرت إلى الرياض لأباشر العمل في شركة ثمانية. أتذكر نشاطي في أول الأيام بروتيني المعتاد نفسه في الخامسة صباحًا. وتساءلت؛ لماذا تصحو المدينة بعد السابعة؟
لكن روتيني لم يعد روتينًا بمعنى الكلمة. فقد صرت أصحو بعد السابعة، وشيئًا فشيئًا بدأت أفقد الهدف من التبكير، فالحر والمدينة والمباني المملة لا توحي بأي روح للخروج والتأمل. أضف عليها عدم وجود طرق للمشاة، وإنما طرق معبدة للسيارة. واكتشفت مع رجوعي الأخير للقرية، أني اشتقت للمدينة؛ فسرعة الحياة والتحديات المهنية لا توجد في قريتي الصغيرة، وفي سن العشرين تحتاج هذه الطاقة إلى منفذ نحو التطور الذاتي المستمر.
ولكن مع مرور الوقت؛ يتصادم تسارع إيقاع المدينة مع الخيال والفساحة اللذين تتمتع بهما قريتي وطقوس الصباح التي كان لها الدور الأكبر في إيجاد السكون والمساحة الكافية للإبداع وتكوين شخصيتي اليوم.
ماذا عنك أنت؟ هل تتمسك بروتين صارم في كل الأوقات؟ أم تفضّله مرنًا حسب مقتضى الحال؟


ابق قريبًا من فريق ثمانية، آخر أخبارنا وكواليسنا وتدويناتنا في رسالة خاصة وسرّية جدًا، تصلك في كل أسبوع.