لا تتنازل عن حقك في الثناء
اتفقنا أنّ المرئيات مهمة للجميع، سواء أكانت إيجابية أم سلبية، وأنّ الأخيرة -السلبية- أهمّ، لنتطور ونشعر بأهمية ما نفعله وبجديّة مساهماتنا.


حين أنشر حلقةً أفخر بها، وقد بذلتُ فيها مشاعري وكلّ ما أعرفه عن الكتابة، تبدأ رحلتي في قراءة التعليقات، والمتابعة النهمة لتزايد الاستماعات، وقد ينفد صبري إلى أن يطمئن قلبي وأتلقى الثناء على عملي. يتكرر الشعور ذاته حين أعدّ وجبةً لذيذة، بهّرتها بحرصٍ وتذوقتها مرارًا إلى أن شبعت، فأراقب كلّ من يتذوّقها وأنا أقضم أظافري وأتصبب عرقًا، لأرى إن أعجبتهم.
ماذا لو بعد كلّ ذلك، ادّعى أخي -مثلًا- أنّه هو من أعدّ الطعام الشهي؟ أو لم يشكرني أحد على مهاراتي الخارقة في إعداد الفاصولياء؟ ستكون مصيبة لو نسبوا اجتهادي إلى أحدٍ آخر، وغِبتُ أنا عن أيّ مديح؟ هل ذلك يعني أنّ عملي ذهب هباء؟
كان للفريق في ثمانية آراء متعددة بشأن تلقّي «الفضل» على العمل. منّا من يظنّ أن علينا إتقان العمل بكل الأحوال، دون انتظار الثناء أساسًا. ومنّا من يعتقد بأننا يجب أن نحمي جهودنا، ونحيل الفضل لكلّ من بذل وقتًا وإحسانًا في إتمام المهمَّة، بتقييم عادلٍ ومتكافئ ومستمرّ. والرأي الثاني، كما أراه، لا يتعارض مع الأول. واتفقنا أنّ المرئيات مهمة للجميع، سواء أكانت إيجابية أم سلبية، وأنّ الأخيرة -السلبية- أهمّ، لنتطور ونشعر بأهمية ما نفعله وبجديّة مساهماتنا.
كي لا أُغرق بالمثالية، يتنازع هنا «الإيقو» الشخصي وشعورنا بالاستحقاق والأهم: نمط العمل السائد في الشركات. في معظم بيئات العمل، يتنافس الموظفون على ما يميّزهم عن الآخرين، لأنّ هذا ببساطة ما يمكّنهم من التقدّم الوظيفي والمالي: من باع أكثر؟ من أنتج أكثر؟ من كان مربحًا للشركة أكثر؟
هي حرب طاحنة يريد الجميع أن يظهر فيها ويبرز، مع أنها تبدو اعتيادية للغاية، لكنّ وسام «الجندي المجهول» لا ينفع هنا. لذلك، وإن أرادت الشركات تحقيقَ إحسانٍ صادق وجماعيّ، عليها أن تغذّي شعور الجماعة. لا باجتماعٍ يقول فيه المديرون مرارًا إنّ الموظفين «عائلة»، إنما بنظام توزَّع فيه المهام بعدل، ويُعدّ فيه إنجاز الفرد إنجازَ الكلّ، ويعود عليهم بالمنفعة بعد أن غذّوه بالإحسان باعتبارهم فريقًا واحدًا.


ابق قريبًا من فريق ثمانية، آخر أخبارنا وكواليسنا وتدويناتنا في رسالة خاصة وسرّية جدًا، تصلك في كل أسبوع.