هل جودة العمل تتطلب وقتًا أطول؟

عندما عُرضَت فكرة بودكاست «الفجر»، والطريقة التي سيشرح بها البودكاست سياق الأخبار، كنت من أشد المتحمسين له.

أثناء غزو أمريكا للعراق عام 2003، أتذكر مشاهدتي لتغطية القنوات الإخبارية في ذلك الوقت، علق في ذهني ذلك المنظر المرعب لبغداد، وهي تتعرض للقصف ليلًا مع علو أصوات الإنذار.

لم أفهم تمامًا ما حدث، كانت بداخلي مشاعر خوف، هل سنتأثر نحن بهذه الأحداث؟ لكون العراق دولة مجاورة لنا. هل هذه البداية لغزو أمريكي واسع للخليج؟ والعديد من الأسئلة التي بمجرد أن أتذكرها الآن أشعر بسذاجتها.

رافقني ذلك الشعور في كل حدث مهم أراه يتقاطع معنا، ممّا جعلني -لاحقًا- من المهتمين بالأخبار، وما يحدث حولنا، راغبًا في فهم تبعاته فهمًا كاملًا.

محا فهمي التام لما حدث وسبب حدوثه مشاعرَ الخوف غير المبررة التي شعرت فيها سابقًا، لذلك عندما عُرضَت فكرة بودكاست «الفجر»، والطريقة التي سيشرح بها البودكاست سياق الأخبار، كنت من أشد المتحمسين له.

صاحب الفكرة الرائعة لبودكاست «الفجر» تحدٍ صعب، وهو الإنتاج اليومي المستمر. لم يسبق لي مواجهة تحدي الإنتاج اليومي في أيّ عمل عملت عليه، بالأحرى ليس الإنتاج اليومي هو التحدي، بل الحفاظ على الجودة المعتبرة مع هذا الإنتاج اليومي، بالإضافة إلى الحديث والنقاش المستمرين في غرفة الأخبار عن الأخبار التي نختارها، ولماذا تهم المستمع، وكيفية كتابتها بالأسلوب الأفضل.

ومما تعلمته أنك في الإنتاج اليومي لن تسلم من الأخطاء أبدًا، ولكنها من الجانب الآخر فرص، فالإيجابية الكبرى تكمن في معالجتها وتحسين نمط عملك. لكن يجب أن لا تضر الأخطاء «الحتمية» بمعيار الجودة «المعتبرة» للعمل، وكلما كانت الأخطاء من هذا النوع أصبح تعويضها أسهل، فهذه الأخطاء مقبولة.

هناك سؤال كبير يحتمل وجهات نظر مختلفة: هل جودة العمل تتطلب دائما وقتًا أطول؟

الجواب هنا يقبل إجابات مختلفة أفهمها كلها، وهي تختلف حسب الظروف، لكن في نموذج «الفجر» أنت تبحث وتكتب في وقت محدود جدًّا، ويتطلب منك العمل الجودة كذلك. وهذا أفضل شيء اكتسبته من الإنتاج اليومي، إذ ساعدني في تطوير المرونة والسرعة، مع محاولة الحفاظ على الجودة دائمًا. 

غير ذلك، فإن الإنتاج اليومي يضعك في ظروف مختلفة، وكلها تتطلب تعاملًا سريعًا، مثل التأخر لأي ظرف أو وصول أخبار مهمة في وقت متأخر، مثل حلقة «وفاة الملكة إليزابيث».

كان التعامل مع ضغط هذه الظروف أهم جزء تعلمته في عملية الإنتاج اليومي، وهو ليس أمرًا سهلًا طبعًا، لكن كانت تجربة مهمة لي.

وأنا مؤمن تمامًا أن دور بودكاست «الفجر» هو سد لثغرة مهمة في فهم سياقات الأخبار، فحينما ظهر بوتين بخطابٍ في شهر فبراير معلنًا عن بداية العملية العسكرية، كان الجميع يتساءل: ماذا يحدث؟

حينها لم يكن بودكاست «الفجر» موجودًا ليشرح ماذا حدث، ولماذا قام بوتين بشن حربه. 

ستأتي أخبار مهمة لاحقًا -أرجو أن لا تكون سيئة-، لكن مهما كانت فبودكاست «الفجر» الآن حاضرٌ لشرح سياقها.

النشرة السرّية
النشرة السرّية
أسبوعيّة، الأحد منثمانيةثمانية

ابق قريبًا من فريق ثمانية، آخر أخبارنا وكواليسنا وتدويناتنا في رسالة خاصة وسرّية جدًا، تصلك في كل أسبوع.