ما علاقة أمطار الإمارات باختفاء الغبار الأحمر بالرياض
هل تذكر موجات الغبار التي كانت تختفي الرياض كلها معها؟ أين اختفت؟
قصة هذه السياقة تشبه الكثير من السياقات التي عملنا عليها مُسبقًا، أي أنها تبدأ بمقترح عابر ثم تبقى في صندوق المقترحات مطوّلاً، لكنها لا تهدأ في عقولنا. ومع انعدام هدوئها تبدأ كل الملاحظات في أثناء تصفّحنا مواقع التواصل. يؤكد ذلك أنها فكرة لا بد من أن نتعمق فيها أكثر، بل إنها ضرورة حقيقية لأن نضع لها سياقًا ينظمها ويفسرها، وهذا هو الهدف الأسمى في إنتاجات سياق منذ البداية.
كان ذلك هو السبب في بقاء الفكرة كثيرًا في الصندوق كمقترح يجيب عن سؤال: «لماذا انخفضت موجات الغبار بالسعودية؟» يبدو للوهلة الأولى أنه لا يخرج عن إجابات وتفسيرات تم تفسيرها مطوّلاً في الإنترنت أو أنها إجابات سهلة الاستنتاج عند حديث ثلاثة أشخاص عن هذا الموضوع. وهي أسباب ملموسة وحقيقية، كزيادة الغطاء النباتي بالتشجير، وحماية المحميات، ومنع الرعي الجائر، ومشاريع الرياض الخضراء بعامة.
هنا انتابتني رغبة شديدة في الاستغناء عن الفكرة؛ لأنني لن أجيب عن شيء جديد في هذا السياق، حتى غرقت في دوامة تواصلات مع خبراء في المناخ والطقس، منهم المركز الإقليمي للتحذير من العواصف الغبارية والرملية بالسعودية. وشاهدت الكثير من الوثائقيات لإعطائها فُرصة أخرى، وكانت الفرصة الجديدة بمثابة محطة لإنقاذ الفكرة والوصول إلى المسبب الأكثر دهشةً الذي يفسر التغيرات المناخية التي تحصل في العالم بأجمعه، وهي ظاهرة تعرف بالتذبذب الجنوبي (ENSO) أو «النينيو»:
«ظاهرة عالمية تحصل كل 2 - 7 سنوات في المحيط الهادئ، المحيط الأكبر الذي يتصل بمعظم مصادر المياه بالعالم في هذه السنوات التقريبية، ولحدوثه يحصل استبدال مواضع المياه الباردة بالحارة والعكس، أي الحارة بالباردة، فيحصل التغيّر المناخي في المناطق القريبة من احترار المياه بسبب هذا الاستبدال، وبنسبة عالية يجري تسجيل حالات الفيضانات وارتفاعات في الرطوبة وزيادة الأمطار بالمقابل. أما المناطق القريبة من برودة المياه نتيجة هذا الاستبدال فهي تعاني بنسبة عالية من زيادة الجفاف وانعدام الرطوبة و زيادة الغبار بالمقابل».
أما المدهش في كل هذه التفسيرات فهو أن مراكز الأرصاد العالمية أعلنت بداية هذه الظاهرة سنة 2023 وستستمر حتى 2024 هذا العام، وهو الأمر الذي يفسر انخفاض الغبار غير المعتاد بالخليج، والذي تقابله زيادة أمطار غير معتادة كما لاحظنا في الإمارات والمنطقة الشرقية مؤخرًا.
هذه السياقة كانت محطة ممتعة في البحث والكتابة واستراق لحظات الدهشة عند مشاركتها دائرتي المقربة لمشاهدة النسخة بعد التحرير. حاولت أن أكتبها بطريقة تشبه السرد الوثائقي القصصي كمنطقة جديدة في الكتابة، وأتمنى أن تنال إعجابكم.
نتقاطع مع كثير من المفاهيم والظواهر يوميًّا؛ فتولّد أسئلة تحتاج إلى إجابة، وفي «سياق»، نضع هذه الأسئلة في سياقها الصحيح.