تحلية المياه موجودة قبل 2000 سنة!
كيف أصبحت السعودية أكبر دولة منتجة للماء؟ وكيف يصل الماء من البحر إلى بيتك؟
أكثر ما فاجأني وقت البحث في هذه السياقة، أن الذكر الأول لفكرة تحلية المياه موجود عند الفلاسفة الإغريق، وتحديدًا عند أرسطو الذي استفاض في شرح عملية تبخير مياه البحر وتحوّلها لمياه صالحة للشرب. الشيء الذي إن تأمّلته، سيبرر لك اندفاع البشر حول هذه التقنية.
لطالما كان البحر أمام البشر، مما يعني بداهة أن يتّخذه الإنسان مصدرًا أساسيًّا للشرب والاستخدام بالعموم، وهي العملية التي بدأت في السعودية قبل حوالي 100 سنة.
تتصف السعودية بطبيعة بيئية صعبة قياسًا بباقي الدول. فأغلب رقعتها صحراوية، ولا وجود لأنهار أو مصادر طبيعية تستمد منها الماء. لذلك، كان التركيز شديدًا على تحلية المياه، بدءًا من أول النماذج وهي الكنداسة، الآلة التي تعمل على تبخير الماء. وهذا التبخير يهدف إلى فصل الملح عن الماء، وهو المبدأ ذاته الذي اقترحه أرسطو قبل أكثر من 2,000 سنة.
ولكن هذا المبدأ، يواجه تحديات وصعوبات كبيرة عند تطبيقه، كونه يستهلك الكثير من الفحم الحجري، مما يخلّف ضررًا كبيرًا على البيئة. علاوة على أن كفاءته ليست بحجم الجهد المبذول لإنتاجه.
لذلك، اتجهت السعودية إلى عملية أخرى تدعى «التناضح العكسي» (Reverse Osmosis) -تحتاج لترجمة أوضح للأمانة- هذه الطريقة لها ثلاث مراحل:
بداية الأمر تدخل مياه البحر إلى آلة تحلية المياه، وتنقى من الشوائب الكبيرة، ثم تتجه إلى المرحلة الثانية. في المرحلة الثانية يُفصل الملح، وبعض الشوائب الصغيرة جدًا من ماء البحر. ثم تنتقل المياه إلى المرحلة الأخيرة، والتي تتمثل بمعالجة المياه بإضافة مواد معينة تجعل الماء قابلًا للاستخدام.
ثم تُنقل المياه المحلاة عبر الأنابيب إلى كل مدن السعودية،؛ حيث توجد محطات تحلية المياه على مختلف سواحل السعودية.
تنتج هذه المحطات يوميًّا ما يعادل 7.6 مليون متر مكعب من المياه المحلّاة، وهي أكبر كمية مياه محلّاة تنتج يوميًّا في العالم.
نتقاطع مع كثير من المفاهيم والظواهر يوميًّا؛ فتولّد أسئلة تحتاج إلى إجابة، وفي «سياق»، نضع هذه الأسئلة في سياقها الصحيح.