هل أطفالنا ينتمون حقًّا إلى جيل القلق؟ 🤳🏻
جوناثان هايدت يتهم إنستقرام بالتأثير في الصحة العقلية للأطفال، فهل نصدقه؟
البارحة كانت الذكرى الثالثة على ظهور مارك زوكربيرق، وإعلانه رهان الشركة على المستقبل الجديد: المتافيرس. ولإثبات جدية هذا الرهان غيّر اسم الشركة إلى «مِتا». 🤦🏻♂️
لكن في الواقع لا مجال عندنا للشماتة: لأنَّ الكل نسى المتافيرس، ونسى معه هذا الخطأ. فإذا أخطأت اليوم، عندك أمل ألا يتذكره أحد بعد ثلاث سنوات. 💁🏻♂️
هل أطفالنا ينتمون حقًّا إلى جيل القلق؟
بعد صمودٍ طويل، اضطررت إلى شراء هاتف محمول لابنتي الكبرى ذات الأحد عشر عامًا. فالمدرسة التي التحقت بها مؤخرًا تلزم الطلاب بمتابعة كافة الدروس والاختبارات من خلال تطبيق هاتفي يتفاعل فيه الطالب مع المدرسين كل يوم.
بعد ثلاثة أيام، دعتني ابنتي إلى التقاط صورة بهاتفها الجديد. ابتسمتُ بسعادة في وجه كاميرا الهاتف الأمامية، إلا أنني لاحظت ملامحي المختلفة. ثم جاء التفسير من ابنتي سريعًا: «سأزيل الفلتر حالًا..رغم أنه مثالي لصور الإنستقرام.»
كيف عرفت ابنتي الإنستقرام والصور المثالية له في ثلاثة أيام فقط؟
هنا بدأت دوامة مخاوفي، ومثل كل الآباء لجأت إلى قوقل.
لم أحتج بحثًا موسعًا حول نتائج الجمع بين كلمتي «إنستقرام» و«الأطفال» لكي يعرّفني قوقل على جوناثان هايدت، عالم النفس الاجتماعي في جامعة نيويورك، وصاحب كتاب «الجيل القلق: كيف تسببت إعادة برمجة الطفولة في الانتشار الوبائي للأمراض العقلية» (The Anxious Generation: How the Great Rewiring of Childhood Caused an Epidemic of Mental Illness).
يتناول هايدت في كتابه العلاقة بين الأطفال منذ سن ما قبل المراهقة وتطبيق إنستقرام. حيث يؤكد أن 40% من الأطفال الأمريكيين، تحت سن الثالثة عشر، أنشأوا حسابات على إنستقرام دون علم ذويهم، مستغلين عدم وجود قانون يلزم تطبيقات التواصل التحقق من الأعمار. إذ بمجرد أن يضع الطفل علامة التحقق في المربع المتعلق بالسن أو يزيّف تاريخ ميلاده، يتمكَّن من دخول كافة تطبيقات التواصل الاجتماعي.
يؤمن هايدت بأن الجيل زد الأكثر تضررًا من التقنية، لأنه نشأ على عدة تقنيات غيَّرت شكل العالم؛ أبلغها تأثيرًا إضافة الهواتف الذكية كاميرات أمامية، والذي تزامن مع استحواذ فيسبوك على إنستقرام. أدى هذا التحديث إلى زيادة كبيرة في عدد المراهقين الذين ينشرون صورًا ومقاطع فيديو مختارة بعناية من حياتهم ويعرضونها على الأصدقاء والغرباء. ليس فقط لمشاهدتها، بل للحكم عليها، مما يؤثر في ثقتهم بأنفسهم دون شك، ويوقعهم في فخ المقارنة.
والدليل على حجة هايدت؟ أنَّ في غضون خمس سنوات فقط، بين عامي 2010 و2015، ارتفع عدد الشباب الذين يعانون القلق والاكتئاب والميول الانتحارية ارتفاعًا حادًّا، أما نسبة الذين عانوا من أعراض الاكتئاب فقد زادت بنحو 150%. في خلال تلك الفترة أصبح المرض العقلي أكثر انتشارًا بنحو مرتين ونصف. فهل هذه الظاهرة تخص الجيل زد تحديدًا؟
وفقًا لأرقام هايدت فالإجابة نعم. فقد تضاعف معدل إيذاء النفس لدى الفتيات المراهقات الصغيرات ثلاث مرات تقريبًا من عام 2010 إلى عام 2020.
حسنٌ، رغم الذعر الذي أثاره بي كأب، يبدو طرح هايدت متماسكًا بشكل كبير، لكن مع مواصلتي البحث وجدت أنه ليس الطرح العلمي الوحيد. فأستاذة العلوم النفسية في جامعة فيرجينيا، كانديس أودجرز، ترى أن طرح هايدت تحديدًا ليس دقيقًا بالمرة، بل وتؤكد أن وفقًا لعدد من الدراسات الحديثة، لا يوجد علاقة بين استخدام التقنية وسلامة الصحة العقلية للمراهقين من الأساس.
ترى أودجرز أنَّ ادعاءات هايدت التهويلية ذاع صيتها بين الناس، من خلال يوتيوب والبودكاست والصحف، لأنها تتمتع بجاذبية بديهية. وأيضًا لأنَّ تقديمه تطبيقات التواصل على أنها كبش فداء يريح الجميع من مسؤوليته. لكن الواقع يقول إن المراهقة كانت دائما الفترة الطبيعية للقلق، لأنها السن المنطقي لظهور الاضطرابات العقلية. لذلك توجيه أصابع الاتهام مباشرةً إلى الهواتف الذكية وتطبيقاتها قد يوفر للمجتمع، ولنا نحن الآباء، عدوًّا واضحًا نلقي عليه اللوم، لكنه في الوقت نفسه يشغلنا عن معرفة مشاكل المراهقة الحقيقية وكيفية علاجها.
تتبنى هذا الطرح أيضًا أستاذة علم النفس الاجتماعي في «كلية لندن للاقتصاد» سونيا ليفينقستون، والتي تدرس علاقة الأطفال بالتقنية منذ عقود. وتؤكد أنه يتعين علينا دراسة أسباب مشاكل الصحة العقلية لدى الشباب، بدلاً من التركيز على عواقب الوقت الذي يمضيه هؤلاء الشباب أمام الشاشات.
أقف الآن كأب حائرًا بين وجهتي النظر، هل يستغل هايدت قلقي وأقراني من الآباء على أولادنا لإصدار كتاب جديد ونيل الشهرة، أم أن شركات التقنية العملاقة هي التي تمول وجهات نظر مضادة لكي تستمر مكاسبها الخرافية على حساب أولادنا؟
لا أملك إجابة محددة عن هذا السؤال، لكنني أملك عشرات الذكريات والنقاشات والتفاصيل التي تجمعني وابنتي، والتي تعتمد على الثقة المتبادلة والوعي وعدم الترهيب. ولأنني أب قلق، فأنا أرى في تلك التطبيقات وحشًا حقيقيًا، لكننا اعتدنا أنا وابنتي مواجهة الوحوش سويًا، وألا نهابها أبدًا. وإن كانت قد عرفت من أصدقائها كيف تستخدم الإنستقرام، فدوري كأب أن أقنعها بأنها لم تبلغ السن المناسب لاستعماله بعد.
وإلى أن يحين هذا السن، سأحاول جاهدًا أن أشكّل معها الوعي اللازم لاستخدامه، دون أن تتأثر نفسيًا، ولا تجد نفسها ضمن الجيل القلق.
فاصل ⏸️
شبَّاك منوِّر 🖼️
تنحو بعض الفنون إلى أن تكون ذات استخدام وفائدة أبعد من منظرها الجمالي، فتسخِّر الجمال والمهارة والحرفية لرفع جودة الحياة وجعلها أسهل. من تلك الفنون فن النسيج الذي صنَّفه المؤرخون أول شكل فني في التاريخ، فرسم عليه الإنسان وزخرفه وطرَّزه بمواد بدائية. 🧶
واليوم نفتح شبَّاكنا على تونس لنلقي نظرة على الفنانة صفية فرحات وأعمالها، والتي تعرَّفت على الفن من خالتها التي كانت تحب الحياكة. بعد تخرجها من معهد الفنون، بدأت صفية تسعى إلى خلق نقلة فنية برفقة عدة فنانين لإزالة عوالق الاستعمار، والعودة إلى الفنون التونسية الأصيلة، وأسست مركزًا فنيًّا رفقة زوجها تبرعت به للدولة. لكن ما يلاحظ في مسيرتها، اهتمامها بالحرف اليدوية والفنون التقليدية ومن ضمنها النسيج. 🪡💪🏻
لم تقيِّد صفية نفسها بفن معين، بل جربت مختلف الوسائط، مما أضفى نضجًا على أعمالها. فبدأت مسيرتها برسم السكان المحليين وعناصر البيئة المحيطة من نباتات وحيوانات. وجربت صناعة الخزف، وعملت في فن الزجاج الملون، ثم ركزت على النسيج لرواية حكايات من محيطها، ولتعكس مشاعرها وأفكارها بالخيوط. 🧵👩🏻🎨
لا تخاف صفية من الألوان، إذ تتميز غالبية أعمالها بسطوع الألوان وكثرتها وتداخلها، مثل لوحتها «العروس». وكأن كل لوحة عالمٌ كامل يحتوي عدة لوحات مصغرة. أما جدارية «قفصة وأماكن أخرى» فهي من أجمل أعمالها، إذ نلاحظ مهارتها وتقنياتها في تحويل النسيج إلى منحوتة. كما نسجت خيولًا كأنها تركض في مكانها، مع دمجها نقوش وأنماط تقليدية تطل بين الجبال والبيوت، دون تخليها عن ألوانها الناطقة بسحر تونس. 🎨🐎
كالعادة، أجد صعوبة في اختيار العمل المفضل، لكنني لم أتردد عندما وقعت على جدارية «Dernière œuvre»؛ فهي تمثيلٌ حقيقي لروح صفية في أعمالها، بسطوع الشمس يمين اللوحة، مع حفاظها على الأنماط التقليدية الورادة في كل أعمالها، إضافةً إلى المرأة الجالسة واندماجها في الخَبْز. وبرغم قلة التفاصيل، إلا أنه مشهد مألوف لأمهاتنا وجداتنا تُبقيه صفية حيًّا في ذاكرتنا بألوانها. 🖼️🌞
🧶 إعداد
شهد راشد
لمحات من الويب
«الرضا كوب من الماء الصافي.. يمكن لأي شيء أن يفسده.» أحمد خالد توفيق
كيف يفسّر شيبس دوريتوس نوعية المحتوى الذي نستهلكه.
مع التحديث الجديد (computer use) من شركة «أنثروبكس»، أصبح بإمكان بوت الذكاء الاصطناعي التحكم بحاسوبك وتحريك الفأرة لتنفيذ مهامك!
والورد في البنور فداك يا عنيَّ.
قفزة إلى ماضي نشرة أها! 🚀
الاعتذار يتضمن شيئًا من الإذلال والانكشاف نحن الكبار لا نرتاح إليه بل ويشعرنا بالتوتر، فما بالك بالطفل؟ 👶🏻
لم أدرك مدى تأثير قراءة الكتب في تفكيري وحياتي اليومية؛ كنتُ أستمتع بذكاء النصوص وطعمها الأدبي الجديد. 🌚
نشرة يومية تصاحب كوب قهوتك الصباحي. تغنيك عن التصفّح العشوائي لشبكات التواصل، وتختار لك من عوالم الإنترنت؛ لتبقيك قريبًا من المستجدات، بعيدًا عن جوالك بقية اليوم.