كيف يعمّق تركيب الأثاث علاقة الأب بابنته؟ 🧰

الأطفال الذين يتمتعون بمشاركة آبائهم في النشاطات يحظَون بمعدل ذكاء أعلى.

إذا كنت تدفع مقابل مشترياتك الإلكترونية من خلال منصة «باي بال»، ضع في الحسبان أنها بدايةً من هذا الشهر ستبيع مقاس ملابسك على الشركات.🙂


تركيب الأثاث / Imran Creative
تركيب الأثاث / Imran Creative

كيف يعمّق تركيب الأثاث علاقة الأب بابنته؟

أريج المصطفى

في كل مرة نقتني قطعة أثاث جديدة لمنزلنا، يبدأ زوجي على الفور بتجهيز العدّة لتركيبها مهما كانت القطعة كبيرة وتفاصيلها كثيرة. ولأنني نشأت في منزل يعمل بمقولة: «أعط الخبز خبّازه ولو أكل نصفه»، فقد وجدت الأمر مستنكرًا في البداية. وكتمت كثيرًا من تساؤلاتي على شاكلة: لماذا يصرّ على إجهاد نفسه، وخيار المساعدة أسهل مئة مرة؟ لكنني في كل مرة كنت أتركه يمارس هوايته.

فلا بأس لديه من قضاء ساعات طوال يشاهد مقطعًا على يوتيوب حول كيفية تركيب القطعة.

آخر قطعة أثاث ركّبها بنفسه كانت سريرًا لابنتنا. شاهدت بعيني كم مقطعًا تابعه على اليوتيوب، وكم ساعة قضاها في أوقات راحته لكي يركّب هذا السرير. وبعد انتهائه بأيام بسيطة «فرط» السرير! شعرت بإحباط شديد لأني أعرف كم كانت محاولاته في التركيب مضنية وجادّة، إلا أنني في الوقت نفسه ارتحت، لأني أيقنت أنه الآن سيستعين أخيرًا بعامل متخصص يتولّى المهمة.

لكنه ببساطة بحث عن المشكلة واكتشف الخلل، وحين همّ بإصلاحه اكتشف أنَّ أحد البراغي عُكف حين سقط السرير، وهذا النوع تحديدًا لا يتوفّر إلا لدى أيكيا، ولا يمكن إعادة عكفه مرة أخرى باليد الطبيعية. هل استسلم؟ كلا. ذهب إلى أقرب محل تصليحات ليصلح البرغي. وفعلًا، عاد إلى المنزل وقضى ليلته في إصلاحه، ومثل كل مرة: نجح.

لكنه لم ينجح في تركيب السرير فحسب، بل نجح -كما يفعل دومًا- بتعزيز صورة الأب الخارق عند ابنتنا نور، التي تعتقد أن كل أطفال العالم لديهم آباء قد ركّبوا غرف نومهم قطعة قطعة، وبرغيًّا برغيًّا. وأن كل الأطفال ساعدوا آباءهم في تلك اللحظات رغم صغر سنّهم، وحملوا مع كل قطعة قصّة وذكرى وطريقة جديدة في التعلّم.

كل عائلتنا الكبيرة تعرف من نور أن بابا من ركّب خزانتها الضخمة، وأن بابا ركّب سريرها وأصلحه حين كُسِر. وقبل كل هذا، أتذكر أنا كل لحظة قضيناها في أولى أيامنا يحفر بـ«الدريل» لكي يركّب الستائر والشماعات، حتى حفرة الدريل غير الموفقة ما زالت شاهدة على تلك الأيام تذكّرنا بها.

مع الوقت يزيد إيماني بالأثر الأعمق الذي تحدثه هذه النشاطات المشتركة بين نور ووالدها. ففي أحد الأبحاث البريطانية، وُجِد أن الأطفال الذين يتمتعون بمشاركة آبائهم في النشاطات يحظَون بمعدل ذكاء أعلى في سن السابعة من الأطفال الذين لديهم آباء أقل مشاركة، وهذا التأثير يمتد إلى المهارات الاجتماعية أيضًا. إذ يقلل إلى حد كبير من آثار انغماس الطفل في شاشات الجوّال والآيباد، والتي تؤدي بدورها إلى صعوبة تشكيل العلاقات في عمر أكبر، وارتفاع احتمال الإصابة بالاكتئاب والقلق المرضي.

ثمة أيضًا التأثير التربوي لمشاهدة الطفل أباه يركّب الأثاث أو يعمل في البيت بيديه. إذ تغرس التجربة في الطفل مهارات التفكير النقدي نتيجة تعلّم السبب والنتيجة، وحل المشكلات. وهي فرصة ذهبية يتعلَّم فيها الطفل التعبير عن ذاته ومشاعره بطريقة غير لفظية من خلال العمل اليدوي، والقدرة على توجيه عواطفه من خلال التفكير الإبداعي البنَّاء.

بعد مرور خمس سنوات على زواجنا، تحوَّلت نظرتي المستنكرة لتصرّف زوجي في تركيب قطع منزلنا إلى نظرة ثقة وطمأنينة. وحتى إن بقينا أيامًا ننتظر تركيب قطعة أثاث أو إصلاحها -والأيام تتحوَّل إلى أسابيع أحيانًا 🫣- سنصنع معها قصة تمنحها المعنى الحقيقي لوجودها معنا، والأهم أنها ستترك تأثيرًا عميقًا في ذكريات ابنتنا نور وتركيب شخصيتها.


فاصل ⏸️


شبَّاك منوِّر 🖼️

المدرسة عالم مستقل داخل عالمنا، فيه التحالفات والأحزاب والطبقية الاجتماعية والانقسام الطبيعي بين المعلمين وبين الطلاب. وعند وقوع أي خلل في الثقة أو الأمان بين مختلف الطبقات، يمكن لكل شيء أن يتزعزع وتعمّ الفوضى. وهذا ما صوّره الفلم الألماني «ذا تيتشرز لاونج» (The Teachers’ Lounge) 👩🏻‍🏫

  • تبدأ القصة عندما يفقد المعلمون مبالغ مالية دون معرفة السارق، فتوجَّه الاتهامات فورًا للطلاب، وتجبر الإدارة «عريف الفصل» على اتهام طالب من أسرة مهاجرة يُدعَى علي. نلاحظ العنصرية المعتادة في توجيه التهمة للطفل المُنتمي إلى أقلية. 👦🏻💸

  • يُعَد المعلمون أكثر فئات المجتمع أمانة وجدارة بالثقة، فنحن لا نريد التفكير بأننا نترك أبناءنا مع لصوص أو مخادعين. ولكن العدالة هنا كانت تتطلب تفتيش الجميع والتصريح بالخطوات لضمان ثقة الطلاب بمعلميهم، ومعرفتهم أن التعامل قائم على أسس سليمة وليس على افتراضات مؤسفة. نجد هنا أنَّ التعامل مع الطلاب على أنهم عديمو الإدراك في مسألة تؤثر مباشرة عليهم خطأٌ يتكرر وقوعه في المدارس وحتى المنازل. 🚫🏘️

  • ترفض المعلمة «كارلا» تصديق أن أحد طلابها هو السارق، وتُدين أسلوب الإدارة البدائي في التعامل معه، فتقرر تثبيت كاميرا في غرفة المعلمين، وتكتشف أن أحد الموظفين سرق مبلغًا منها، فتتجه للإدارة وتبلغهم بالأمر. أحيانًا تكون نوايانا حسنة وتدفعنا إلى ما نظنه التصرف الملائم، فنلقي الاتهامات قبل التثبت أو نسيء للآخر بأسلوبنا وظنوننا. حتى لو كنت محقًّا، عليك التفكر قبل الإقدام على الاتهام، فالسمعة شيء لا يمكن إصلاحه حتى لو اتضح أنه مجرد سوء فهم.🩹😔

  • يتعرَّض الطالب كارلوس للتنمر المتواصل على يد زملائه، إلى أن ينفجر ويعتدي جسديًّا على أحدهم، ثم يعتدي على المعلمة «كارلا». مع ذلك تدرك المعلمة أنه يتعرض لضغط كبير ويشعر بالظلم، ولكنه طيب وخلوق، ولا تهدف إلى معاقبته بل تتفهمه وتتفاهم معه. وهذا الفارق بين المعلم الذي يدرك مسؤوليته تجاه كل طفل يدخل حياته، وبين الذي يتعامل مع الأمر على أنه أيام عابرة لا تأثير لها. يذكّرنا هذا بتعاملاتنا اليومية مع من نتقاطع معهم، بضرورة إحسان الظن والتماس العذر قبل الانتقام وإنزال العقاب. ❤️‍🩹💻

🧶 إعداد

شهد راشد


لمحات من الويب


قفزة إلى ماضي نشرة أها! 🚀

  • البيئة التقنية التي يتربى عليها أطفال اليوم عدائية للتطور البشري لأنها تعيق نضج الشخصية. 👦

  • علينا أن نتخلى عن إحدى الأفكار، وهي فكرة الهرب من الواقع. هذه الفكرة في الوقت الحالي أصبحت مستحيلة؛ لأن الطفل اليوم مضطر لمواجهة الواقع. 👧🏻

نشرة أها!
نشرة أها!
منثمانيةثمانية

نشرة يومية تصاحب كوب قهوتك الصباحي. تغنيك عن التصفّح العشوائي لشبكات التواصل، وتختار لك من عوالم الإنترنت؛ لتبقيك قريبًا من المستجدات، بعيدًا عن جوالك بقية اليوم.

+380 متابع في آخر 7 أيام