الرقابة المالية: عهد مالي جديد في دوري روشن

كيف تنظر رابطة دوري المحترفين للأشهر الأولى من استلام الملف المالي؟


الرقابة المالية: عهد مالي جديد في دوري روشن

نواف العقيّل

أعلنت رابطة الدوري السعودي للمحترفين في شهر يوليو الماضي تسلّمها مهام تنظيم ومتابعة اللوائح المالية المرتبطة بالنشاط الكروي لأندية الدوري السعودي للمحترفين، وذلك بناءً على قرار وزارة الرياضة القاضي بنقل اختصاصات أعمال لجنة الاستدامة المالية إلى الرابطة تحت مسمى «لجنة الرقابة المالية».

ذلك إضافةً إلى تعديل اختصاص لائحة الكفاءة المالية، بما يشمل الرقابة على الأنشطة المالية لكرة القدم، ومنح شهادة الكفاءة المالية للأندية من خلال رابطة الدوري، في خطوة تهدف إلى تعزيز الحوكمة وتيسير الإجراءات التنظيمية. ويقتصر نطاق هذا التكليف على نشاط كرة القدم في أندية الدوري السعودي.

وأكدت الرابطة حينها أن الإشراف على اللائحة المالية سيكون من مهام «لجنة الرقابة المالية» التي تضم في عضويتها ممثلين من وزارة الرياضة والاتحاد السعودي لكرة القدم ورابطة الدوري السعودي للمحترفين، إضافة إلى أعضاء مستقلين.

وتُعنى هذه اللجنة بمتابعة الالتزامات المالية ومنح شهادة الكفاءة المالية وتطبيق أحكام اللائحة المالية لأندية رابطة الدوري السعودي للمحترفين، حيث تهدف هذه الخطوة إلى توحيد المتطلبات وتوفير مرجعية واحدة تسهم في تحسين سرعة الإنجاز ورفع مستوى الامتثال، بما يدعم بيئة العمل الاحترافية للأندية.

لماذا قررت وزارة الرياضة توكيل رابطة دوري المحترفين بالمهمة ؟

يعود السبب الرئيس في توكيل الرابطة بهذه المهمة، بدلًا من وزارة الرياضة، إلى انتقال ملكية الأندية لشركات خاصة لا تتبع وزارة الرياضة. فأصبح الحصول على بعض المعلومات المالية بشكل تفصيلي صعبًا على وزارة الرياضة التي لا يمكنها فرض ذلك على الأندية.

وكما هو الحال في غالبية دوريات العالم، تنظِّم رابطة الدوري اللوائح المالية بسبب إمكانية إلزام الشركات التي تندرج تحت مظلة الدوري عبر اللوائح والقوانين. فالرابطة الآن تلعب دورًا رئيسًا ومحوريًّا في عملية تحول المشروع الرياضي السعودي، والذي يستعد لدخول الكثير من الشركات في القطاع. ويحتاج ذلك إلى جهة متمكنة ومظلة قوية تُحكّم الأندية باللوائح والنظم التي تتفق عليها الأندية والشركات كما يحدث في عالم كرة القدم.

أما عن السبب الثاني لنقل لجنة الكفاءة المالية من وزارة الرياضة إلى رابطة دوري المحترفين، فهو استعداد الرابطة لهذه المرحلة بعد مرور عامين من التحول الكبير في الدوري ووجود الكفاءات الإدارية والمالية المميزة داخل رابطة دوري المحترفين، حيث تستمر الرابطة بالتحول كما يحدث في أندية الدوري.

ثلاثة مبادئ أساسية لنظام الرقابة الجديد

وضع النظام الجديد للرقابة المالية، الذي تصاغ خطوطه الرئيسة حاليًّا مع الأندية، ثلاثة مبادئ أساسية تقوم عليها المنظومة لضمان الفاعلية للنظام الجديد. ووفقًا لحديثي مع مصدر مطّلع على النظام، فقد حصلنا على هذه المبادئ الثلاثة. لكن قبل أن نذكرها نؤكد على أن جزءًا من هذه المبادئ طُبِّق بشكل رسمي خلال الموسم الحالي، والمتبقي منها سيطبق انطلاقًا من الموسم المقبل، وسيجري العمل عليها بعد الاتفاق مع الأندية على جميع التفاصيل.

المبدأ الأول والذي جرى تطبيقه خلال هذا الموسم: «التزامات الأندية المالية». ويحدد هذا البند المتطلبات والمبادئ التوجيهية لضمان وفاء الأندية بالتزاماتها المالية بطريقة منتظمة في الموعد المحدد، بما في ذلك إدارة المستحقات المتأخرة ومعالجتها.

ويُختَصر هذا البند في مفهوم شهادة الكفاءة المالية الذي يركز على أعمال الرقابة المرتبطة بالمستحقات المتأخرة وفق النطاق نفسه المعتمد سابقًا، وفي إطار ضمان الالتزام بسداد الالتزامات المالية المستحقة ضمن الآجال النظامية كشرط أساسي لاستمرار الامتثال. وذلك بهدف الحد من التعثر المالي، وتعزيز التزام الأندية بالتعاقدات المالية ضمن إطار منضبط ومسؤول. وأصبحت رابطة دوري المحترفين هي الجهة المختصة في نشاط كرة القدم لإصدار الشهادة انطلاقًا من الموسم الحالي.

المبدأ الثاني سيبدأ تطبيقه انطلاقًا من الموسم المقبل: «الرقابة على مصروفات الفريق». فقد وُضِعت متطلبات للتحكم في نسبة الإيرادات التي تُنفَق على الرواتب والانتقالات خلال الموسم الرياضي. وسيسمح للنادي بصرف نسبة معينة تبدأ من رقم معين، وتخفض موسمًا بعد موسم حتى الوصول إلى النسبة المطلوبة.

ووفقًا لمعلوماتي، لم تحدَّد النسب المتفق عليها في النظام حتى هذه اللحظة، إذ لا يزال هناك تشاور مع الأندية ودراسة الوضع الراهن للجميع خلال السنة الحالية.

وسيُسمَح بصرف النسبة المتبقية من الإيرادات على البنية التحتية للنادي ورواتب العاملين فيه والاستثمار في المشاريع غير المتعلقة بشراء العقود أو دفع رواتب اللاعبين. على سبيل المثال: لو وضع النظام نسبة 70% مقابل 30%، فإن التقسيم لإيراد 10 مليون ريال سيكون كالآتي: 7 مليون ريال لشراء اللاعبين ودفع رواتبهم، 3 مليون ريال للاستثمار في البنية التحتية والأكاديمية والعاملين في النادي ورواتبهم.

وهذا البند الجديد سيتماشى بشكل كبير مع القواعد المالية للاتحاد الأوربي لكرة القدم «يويفا»، التي تضع حدًّا أقصى لإنفاق النادي على أجور اللاعبين والانتقالات ورسوم الوكلاء بنسبة 70% من إيراداته، بينما الدوري الإنقليزي الممتاز يضع سقفًا أعلى بنسبة 85%.

المبدأ الثالث سيبدأ تطبيقه انطلاقًا من الموسم المقبل: «متطلبات الحد من الخسائر». سيفرض النظام المالي الجديد حدودًا على الخسائر المالية التي يمكن أن تتكبدها شركات الأندية لضمان الاستدامة المالية على المدى الطويل. ويُعَد هذا البند مهمًّا جدًّا لتشجيع الملاك على الاستثمار في الأندية وعدم تقييدهم كثيرًا بالنظام.

ولم يحدَّد حتى الآن مبلغ معين للخسائر السنوية التي تستطيع الشركة تحملها، حيث يجري نقاش حالي بين الأندية والرابطة حول هذا البند.

ممّن تتكون لجنة الرقابة المالية ؟

تتكون اللجنة من خمسة أعضاء في الوقت الحالي هم: عبدالله كبوها رئيسًا للجنة وممثلًا للاتحاد السعودي لكرة القدم، وخالد الربدي ممثل وزارة الرياضة، وثامر المرشد ممثل رابطة دوري المحترفين، وثنائي مستقل هما معاذ القويز وأمجاد العقيلي.

وتستلم اللجنة تقارير مالية مفصلة مرتين في كل سنة مالية، خلال شهرَيْ مايو ونوفمبر. ويمكن لهذه اللجنة، وفقًا للصلاحيات الممنوحة لها، مراجعة البيانات وفرض الرقابة النشطة ومنح شهادة الكفاءة المالية أو عدم منحها.

وتُجري هذه اللجنة اجتماعات دورية مع أندية دوري روشن للتوصل إلى اتفاق حول المبادئ الرئيسة للنظام الجديد الذي سيبدأ تطبيقه انطلاقًا من الموسم المقبل

كيف تنظر رابطة دوري المحترفين للأشهر الأولى من استلام الملف المالي ؟

ذهبت للتحدث مع أحد المصادر المطّلعة في رابطة دوري المحترفين حول التحول الذي حدث منذ تكليف الرابطة بالعمل على الجانب المالي مع جميع أندية الدوري البالغ عددها 18 ناديًا.

وقال المصدر المطلع: «العمل الذي حدث في الصيف بعد إطلاق اللائحة لم يقلل المخالفات فقط، بل غيّر طريقة تعامل الأندية بشكل كامل مع الأمر، وكانت النتيجة شفافية والتزام وتقليل المخاطر وبيئة أكثر التزامًا بالمتطلبات.»

يكمل: «وصراحة هذا يعكس نجاح العمل، فقد بدأ النظام الجديد يعطي أثره الواضح على مستوى المواد التي طُبِّقت.»

وفي حديث مفصل: «أصبح هناك وضوح أكبر مع الأندية بخصوص متطلبات الامتثال وطرق الاحتساب وغيرها، والتي توضح قدرة النادي المالية للتعاقد من عدمه. وهذا قلل من التباين في التفسيرات وزاد الانضباط المالي.»

يستكمل: «تطلب اللائحة من الأندية التي لديها تحديات مالية تقديم خطة تصحيحية تبين فيها كيف تغادر من المنطقة الحرجة إلى منطقة آمنة ماليًّا يُتابَع تنفيذها. وهذا جعل الأندية تفكر بالمستقبل عند التعاقد، وتكون متأكدة من ملاءتها المالية لدفع رواتب اللاعبين والإداريين والتزاماتها القائمة والمستقبلية، حتى لا تقع في قضايا وتعجز عن دفع الرواتب، أو تقع بمشكلة مالية أكبر بأن يفسخ اللاعب أو المدرب العقد ويصبح عليك دفع كل الالتزامات فتكون المشكلة أكبر.»

يختم: «أعتقد أن هذه نتائج أول خطوة قبل تطبيق المبادئ الجديدة. والانتقال التدريجي مطلوب حتى لا يكون هناك إخلال في المنظومة المالية للأندية. الرحلة طويلة وستأخذ عدة سنوات حتى نصل لأفضل نموذج للمعايير الجديدة بمرئيات الأندية بعد كل فترة تطبيق.»

هناك تفاؤل كبير داخل رابطة دوري المحترفين حول المبادئ الجديدة والتي ستساعد الدوري بالكامل.

ضخ الملاك للمبالغ في الإيرادات مفتوح دون سقف

وفي حديثي مع أحد المصادر حول نقطة مهمة في المبدأ الثاني من مبادئ النظام الذي يخص «مصروفات الفريق»، جاء سؤالي لهذا المصدر واضحًا: هل يستطيع المالك ضخّ إيرادات بالمبلغ الذي يريد وتُحسَب ضمن إيرادات الفريق؟ جاءت الإجابة بوضوح مماثل: نعم يستطيع. والهدف من هذا الأمر هو تشجيع المستثمرين على استثمار رأس مال جديد بالفريق، ودخول استثمارات أكبر للدوري.

نعم هذا تصوّر رائع للدوري وخاصةً أن المالك الذي سيضخ رأس مال جديد سيلتزم بنسبة من أي مبلغ على البنية التحتية ورواتب العاملين. على سبيل المثال: لو ضخ مالك نادٍ 10 مليون ريال، وفرضنا أنه يستطيع صرف 70% فقط على شراء اللاعبين ورواتبهم، فسيكون تقسيم هذا المال كالآتي: 7 مليون ريال لشراء اللاعبين ورواتبهم، و3 مليون ريال على البنية التحتية والأكاديمية وموظفي النادي ورواتب العاملين في النادي ككل.

هذا المفهوم مفهومٌ جيّد ومستخدم على مستوى العالم، ولكن سيكون هناك أمر سلبي ومخاطرة كبيرة على المدى البعيد للأندية بسبب الضخ المفتوح للملّاك. فهناك حد سنوي للمبلغ المالي المسموح بصرفه في نظام الاتحاد الأوربي لكرة القدم للتنظيمات المالية، وفي نظام الدوري الإنقليزي الممتاز أيضًا.

هذا الأمر سيجعل أندية وزارة الرياضة تحت القيد حتى تحصل على مالك، وسيكرر ظهور أندية للقمة سريعًا وانهيارها سريعًا لأسفل حالة، وعلينا أن نضع نموذج نادي العين السعودي مثالًا على ذلك.

إن هذا النظام سيساعد على الاستثمار وعلى تنظيم الأموال الداخلة، ولكنه سيقيِّد الكثير من الأندية التي لا تملك ملّاكًا في الوقت الحالي. وسيكون هناك قوّتان ماليّتان في الدوري، قوة تستطيع أن تستثمر، وقوة تعمل وفقًا للإيرادات الحكومية فقط وقليل من الإيرادات الأخرى التي لا تقارن بما يضخّه الملاك ويلزم به في الأندية الأخرى.

إن الموسم المقبل سيكون موسم الفجوة؛ ثمانية أندية ستكون مختلفة عن الكل في القدرات المالية بعد صعود الدرعية والعلا بجانب نيوم والقادسية ورباعي صندوق الاستثمارات الهلال والنصر والأهلي والاتحاد. وبعد مسافة ستجد أندية وزارة الرياضة -ربما بعضها سيخصص-. وننتظر إذا كان نادي الخلود سيضاف إلى الشركات المقتدرة ماليًّا ويصبح تاسع الأندية أو لا، على الرغم من شكوكي حول ذلك.

لا يزال النظام تحت المشاورة بين الرابطة وأندية دوري المحترفين، وعلينا أن نضع ذلك في الاعتبار. ماذا لو وصل مالك وضخَّ 100 مليون ريال لنادٍ صاعد إلى دوري روشن؟ هل هذا الاستثمار صحي لكرة القدم السعودية؟ نعم صحي ورائع، ولكن هل هو عادل في دوري ينقسم إلى أندية مخصصة وأندية قطاع عام؟ الإجابة، غير عادل بدون شك.

وضع حد واضح لرأس المال السنوي المسموح به ربما هو الحل الأمثل للجميع.


البيت الذي تظنّه بعيد المنال صار بين يديك، وبخيارات متنوعة.
لأن «سكني» حوّلت مخطط البيت الذي يشغل ذهنك كل يوم إلى واقع،
وجمعت جميع المشاريع في منصة واحدة، وسهّلت عليك البحث، والمقارنة، والاختيار.
تصفّح الوحدات السكنية الآن ولا تضيّع فرصة العمر


  • 🎙️حلقة جديدة من بودكاست درجة أولى عن «أزمة اللاعبين المحليين في دوري يلو!»: قبل انطلاق الجولة الجديدة من دوري يلو وبعد فترة التوقف الدولي، تستعرض الحلقة تأهل المنتخب السعودي إلى كأس العالم، ومشاركة أندية دوري يلو في كأس الملك ومستوياتها اللافتة. كما تسلّط الضوء على قمة الجولة بين العلا والدرعية، وأبرز المواجهات القادمة وما تحمله من إثارة وتحديات في مختلف المراكز.


مصدر مطّلع
مصدر مطّلع
يومية منثمانيةثمانية

نشرة صباحية تقدِّم أهم خبر في الكرة السعودية وتحلّله من جميع الزوايا. مع قصص حصرية من شخصيات مُطّلعة تبقيك على اطلاع دائم بعالم الكرة أولًا بأول.

+40 متابع في آخر 7 أيام