هل نخاف أم نأمل؟
خرج بودكاست بُكرة محاولة للإجابة عن سؤال كيف نصنع مستقبلًا أفضل، لا من باب الخوف بل سخاء فكرة كوننا نستحق هذا الغد الآمن والعادل والسليم.


لا زلت أجد نفسي أتلعثم كلما سألني أحدهم عمّا نعنيه بأن نصنع مستقبلًا أفضل في بودكاست ونشرة بُكرة. ليس لأني لا أعرف الجواب، بل لأني أود قول الكثير. وأعلم سلفًا ما يجعل من سألني يشكّ ويتشاءم، هي نفسها الحجج والأدلة التي شغلتني لسنوات.
منذ البداية كنت أعرف أن أثر الفرد الواحد لتحقيق هذا المستقبل الأفضل لا يكفي. لا يكفي أن أرفض قنينة الماء المعلّبة وقشّة العصير كلما ارتدت مقهى جديدًا. لا يكفي التذمر من المواصلات العامة المزدحمة في مدينة كالدار البيضاء، فقط لأني اخترت ألا أمتلك سيارة. ولا أن أختار القطار في رحلة اثنتي عشرة ساعة لزيارة أهلي، بدل طائرة تنقلني في سويعة واحدة. وحتمًا لا يكفي شعور الذنب الثقيل على صدري، كلما اضطررت للاستهلاك بعد مناورة طويلة لشركات الموضة السريعة والمتاجر الإلكترونية.
شعور الذنب؟ حتمًا لا يكفي، بل يصنع منك وحيدًا يدفعه الخوف من أن أي تقصير في نمط استهلاكك وعيشك يُفاقم من مشاكل البيئة ويؤزم من الحاضر ليكون هذا المستقبل الأفضل مجرد حلم ساخرٍ لا نستحقه. شركاتٌ ذكية ونظام اقتصادي ماكر، ألقى بكامل المسؤولية على آخر عنصرٍ في السلسلة. المستهلك، وغذّى شعور الخوف، فيصير إما ذنبًا ثقيلًا، أو هزّ الكتفين في تجاهل مُكره: لا شيء نقوم به يكفي لعكس أثر عجلة الاقتصاد ورجال الأعمال والقرارات التي تأتي من أعلى.
ساحرٌ ذاك الكرم الذي تقابلني به نباتاتي الداخلية كلما اعتنيت بها ولو قليلًا، ورقة خضراء هنا وبُرعمٌ هناك. الكرم نفسه الذي أظهرته الطبيعة بعدما مكث العالم مُرغمًا في البيت، استعادت شيئًا من عافيتها وهطل مطر سخيّ. قلتُ: هل يكون المفتاح الكرم بدل الخوف؟ في أن ننشغل بالحل مهما بدا مركبًا، بدل بصمتنا الكربونية وجلد الذات؟
من هنا خرج بودكاست بُكرة. محاولة للإجابة عن سؤال كيف نصنع مستقبلًا أفضل، لا من باب الخوف بل سخاء فكرة كوننا نستحق هذا الغد الآمن والعادل والسليم، ونركز على ما يمكننا تحسينه وتغييره بالمعرفة والفعل وقوة الجماعة.


ابق قريبًا من فريق ثمانية، آخر أخبارنا وكواليسنا وتدويناتنا في رسالة خاصة وسرّية جدًا، تصلك في كل أسبوع.